وقال : كان علي يتوضأ عند كل صلاة ويقرأ هذه الاية. وقال ابن سيرين : ان الخلفاء كانوا يتوضئون لكل صلاة.
والاول هو الصحيح عندنا ، وما روي عن علي عليهالسلام من تجديد الوضوء عند كل صلاة محمول على الندب.
وأقوى الأقوال ما حكيناه أولا ، من أن الفرض بالوضوء يتوجه الى من أراد الصلاة وهو على غير طهر ، فأما من كان متطهرا فعليه ذلك استحبابا. وما روي عن النبي عليهالسلام والصحابة في تجديد الوضوء ، فهو محمول على الاستحباب في جميع الأحوال لإجماع أهل العصر.
قوله (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) أمر من الله بغسل الوجه واختلفوا في حد الوجه الذي يجب غسله ، فحده عندنا من قصاص شعر الرأس الى محادر (١) شعر الذقن طولا ، ما دخل بين الوسطى والإبهام عرضا ، وما خرج عن ذلك فلا يجب غسله وما ترك من الشعر عن المحادر لا يجب غسله.
والذي يدل على صحة ذلك أن ما قلناه مجمع على أنه من الوجه ، ومن ادعى الزيادة فعليه الدلالة. واستوفينا ذلك في مسائل الخلاف وتهذيب الأحكام.
وقوله (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) منصوب بالعطف على الوجوه الواجب غسلها ويجب عندنا غسل الايدي من المرافق وغسل المرافق معها الى رؤوس الأصابع ولا يجوز غسلها من الأصابع الى المرافق ، و «الى» في الاية بمعنى «مع» كقوله (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) (٢) وقوله (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) (٣) وأراد بذلك «مع» قال امرؤ القيس :
__________________
(١). في التبيان : محاذي.
(٢). سورة النساء : ٢.
(٣). سورة آل عمران : ٥٢ وسورة الصف : ١٤.