فصل : قوله (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) الاية : ١٣٨.
قوله (صِبْغَةَ اللهِ) يعني : فطرة الله ، في قول الحسن وقتادة وأبي العالية ومجاهد وعطية وابن زيد والسدي. وقال الفراء والبلخي : شريعة الله في الختان الذي هو التطهير.
وقوله (صِبْغَةَ اللهِ) مأخوذ من الصبغ ، لان بعض النصارى كانوا إذا ولد لهم مولود جعلوه في ماء لهم ، يجعلون ذلك تطهيرا له ، ويسمونه «العمودية» فقيل : صبغة الله ، أي : تطهير الله لا تطهيركم بتلك الصبغة ، وهو قول الفراء.
وقال الجبائي : سمي الدين صبغة لأنه هيئة تظهر بالمشاهدة من أثر الطهارة والصلاة ، وغير ذلك من الآثار الجميلة التي هي كالصبغة. وقال أمية :
في صبغة الله كان إذ نسي |
|
العهد وخلى الصواب إذ عزما |
ومعنى قوله (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) الجحد ، أي : لا أحد أحسن من الله صبغة ، واللفظ لفظ الاستفهام ، وبه قال الحسن وغيره.
فصل : قوله (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) الاية : ١٤٠.
معنى الاية : الاحتجاج عليهم في قولهم (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) فقيل لهم : كيف ذلك؟ والامر بخلافه من وجهين :
أحدهما : ما أخبر به نبينا عليهالسلام مع ظهور المعجز الدال على صدقه.
والاخر : ما في التوراة والإنجيل من أنهم كانوا على الحنيفية ، لان عندهم اسم اليهودية يقع على من تمسك بشريعة التوراة ، والنصرانية اسم لمن تمسك بشريعة الإنجيل ، وقد قال الله تعالى (وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ) (١).
__________________
(١). سورة آل عمران : ٦٥.