واختاره الطبري. ولم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك ، وقالوا : أى موضع مسح أجزأه.
وانما اعتبرنا المسح ببعض الرأس لدخول الباء الموجبة للتبعيض ، لان دخولها في الموضع الذي يتعدى الفعل فيه بنفسه لا وجه له غير التبعيض ، والا كان لغوا وحملها على الزيادة لا يجوز مع إمكان حملها على فائدة مجددة (١).
فان قيل : يلزم على ذلك المسح ببعض الوجه في التيمم.
قلنا : كذلك نقول ، لأنا نقول بمسح الوجه من قصاص الشعر الى طرف الانف ومن غسل الرأس فانه لا يجزيه عن المسح عندنا ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا : يجزيه ، لأنه يشتمل عليه.
وهذا غير صحيح ، لان حد المسح هو إمرار العضو الذي فيه نداوة على العضو الممسوح من غير أن يجري عليه الماء ، والغسل لا يكون الا بجريان الماء عليه ، فمعناهما مختلف ، وليس إذا دخل المسح في الغسل يسمى الغسل مسحا كما أن العمامة [لا تسمى] (٢) خرقة ، وان كانت تشتمل على خرق كثيرة.
وقوله (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) عطف على الرؤوس ، فمن قرأ بالجر ذهب الى أنه معطوف على موضع الرؤوس ، لان موضعهما نصب لوقوع المسح عليها وانما جر الرؤوس لدخول الباء الموجبة للتبعيض على ما بيناه والقراءتان جميعا تفيدان المسح على ما نذهب اليه.
وممن قال بالمسح ابن عباس والحسن البصري وأبو علي الجبائي ومحمد بن جرير الطبري وغيرهم ممن ذكرناهم في الخلاف ، غير أنهم أوجبوا الجمع بين المسح والغسل ، المسح بالكتاب والغسل بالسنة. وخير الطبري في ذلك ، وأوجبوا كلهم استيعاب جميع الرجل ظاهرا وباطنا.
__________________
(١). في «م» : مجردة.
(٢). الزيادة من التبيان.