يطاف بالكأس. وقد ذكر في جملة ما يطاف به الفاكهة واللحم.
والثاني : أنه لما قال (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) عطف بحور عين على جنات النعيم ، فكأنه قال : هم في جنات النعيم وفي مقاربة أو معاشرة حور عين ، ذكره أبو على الفارسي.
فأما من قال : الرجلان ممسوحتان ويراد بالمسح الغسل ، فقوله يبطل بما بيناه (١) من أن المسح غير الغسل ، واستشهادهم بقوله «تمسحت للصلاة» وأنهم سموا الغسل مسحا.
وقوله (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) وأنه أراد غسلهما ، باطل بما قدمناه ولأنه لو كان ذلك محتملا لغة لما احتمل شرعا ، لان الشرع فرق بين الغسل والمسح ولذلك قالوا : بعض أعضاء الطهارة مغسولة وبعضها ممسوحة ، وفلان يرى غسل الرجلين وفلان يرى مسحهما ، ولأنه لا خلاف أن الرأس ممسوح مسحا ليس بغسل فلا بد أن يكون حكم الرجلين حكمه ، لكونهما معطوفين عليه.
وقوله (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ) فأكثر المفسرين على أن المراد به فطفق ضربا ذهب اليه الفراء وأبو عبيدة. وقال آخرون : أراد المسح في الحقيقة. ومن قال القراءة بالجر يقتضي المسح ، غير أنه المسح على الخفين ، فقوله باطل ، لان الخف لا يسمى رجلا في لغة ولا شرع ، والله تعالى أمر بإيقاع الفرض على ما يسمى رجلا على الحقيقة.
وأما القراءة بالنصب ، فقد بينا أنها معطوفة على موضع الرؤوس ، لان موضعها النصب والحكم فيها المسح ، والعطف على الموضع جائز ، لأنهم يقولون لست بقائم ولا قاعدا ، قال الشاعر :
معاوي اننا بشر فأسجح |
|
فلسنا بالجبال ولا الحديدا |
__________________
(١). في التبيان : قلناه.