به صدورهم كما يفعل بالمؤمن ، وذلك مثل قولهم «أفسدت سيفك» إذا تركت تعاهده حتى صدئ ويقولون : جعلت أظافيرك سلاحك إذا لم تقصها.
ويشهد للأول قوله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ) (١) وأراد بذلك أنهم سموا الله شركاء.
وقال أبو علي : هو البيان عن حالهم وجفاء قلوبهم عن الايمان بالله ورسوله كما يقال : جعلته فاسقا مهتوكا إذا أبنت (٢) عن حاله للناس.
ومعنى قاسية يابسة صلبة. وقال أبو عبيدة : قاسية معناه فاسدة ، من قولهم «درهم قسي» أي : زائف ، قال أبو زبيد :
لها صواهل في صم السلاح كما |
|
صاح القسيات في أيدي الصياريف |
وقال أبو العباس : الدرهم انما سمي قسيا إذا كان فاسدا ، لشدة صوته بالقس الذي فيه ، فهو راجع الى الاول ، وقال الراجز :
وقد قسوت وقسى لداتي
فصل : قوله (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) الاية : ١٤.
الذي نقوله ان الوجه في إغراء الله فيما بينهم أنه أمر النصارى بمعاداة اليهود فيما يفعله اليهود من القبيح في التكذيب بالمسح وشتم أمه ، وأمر اليهود بمعاداة النصارى في اعتقادهم التثليث وأن المسيح ابن الله ، فكان في ذلك أمر كل واحد منهما بالطاعة.
فصل : قوله (يا أَهْلَ الْكِتابِ) الاية : ١٥.
انما لم يقل يا أهل الكتابين ، لان الكتاب اسم جنس وفيه معنى العهد ، وهو أوجز وأحسن في اللفظ من حيث كانوا كأنهم أهل كتاب واحد.
__________________
(١). سورة الانعام : ١٠٠.
(٢). في التبيان : أبان.