وأما النافلة فيصل اليه ضرب من النفع بها ، وتقبل الطاعة إيجاب الثواب عليها.
وهذا الذي ذكروه غير صحيح ، لان قوله «انما يتقبل الله من المتقين» معناه :
انما يستحق الثواب على الطاعات من يوقعها لكونها طاعة. فأما إذا فعلها لغير ذلك ، فانه لا يستحق عليها ثوابا.
فإذا ثبت ذلك فلا يمتنع أن تقع من الفاسق طاعة يوقعها على الوجه الذي يستحق عليها الثواب فيستحق الثواب ، ولا تحابط بين ثوابه وما يستحق عليه من العقاب.
والاتقاء يكون لكل شيء يمتنع منه ، غير أنه لا يطلق اسم المتقين الا على المتقين للمعاصي خاصة بضرب من العرف ، لأنه أحق ما يجب أن يخاف منه كما لا يطلق خالق الا على الله عزوجل ، لأنه أحق بهذه الصفة من كل فاعل ، لان جميع أفعاله تقع على تقدير وترتيب.
فصل : قوله (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) الاية : ٢٨.
ان قيل : لم قال ذلك وقد وجب بحكم العقل الدفع عن النفس وان أدى الى قتل المدفوع؟
قلنا : عنه جوابان : أحدهما ـ أن معناه ان بدأتني بقتل لم أبدأك ، لا على أني لا أدفعك عن نفسي إذا قصدت قتلي.
الثاني : قال الحسن ومجاهد والجبائي : انه كتب عليهم إذا أراد الرجل قتل رجل تركه ولم يمتنع منه.
فصل : قوله (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) الاية : ٢٩.
قوله «باثمي واثمك» معناه اثم قتلي ان قتلتني واثمك الذي كان منك قبل قتلي.
فان قيل : كيف جاز أن يريد منه الإثم؟ وهو قبيح.