قلنا : المراد بذلك عقاب الإثم ، لان الرجوع بالإثم رجوع بعقابه ، لأنه لا يجوز لاحد أن يريد معصية الله من غيره ، كما لا يجوز أن يريدها من نفسه.
فصل : قوله (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ) الاية : ٣١.
قال أبو علي : يجوز أن يكون الغراب قد زاد الله في عقله ما عقل أمر الله ، لا على وجه التكليف كما نأمر صبياننا وأولادنا فيفهمون عنا.
ومعنى «سوءة أخية» قيل : فيه قولان ، أحدهما ـ قال أبو علي : انه جيفة أخيه لأنه كان تركه حتى أنتن فقيل لجيفته سوءة. وقال غيره : معناه عورة أخيه ، والظاهر يحتمل الامرين.
قوله «فأصبح من النادمين» قيل : كانت توبته غير صحيحة ، لأنها لو كانت صحيحة لاستحق عليها الثواب. وقال أبو علي : ندم على قتله على غير الوجه الذي يكون الندم توبة ، لأنه ندم لأنه لم ينتفع به وناله ضرر بسببه من أبيه واخوته ، ولو كان على الوجه الصحيح لقبل الله توبته. وعلى مذهبنا كان يستحق الثواب لو كانت صحيحة وان لم يسقط العقاب.
فصل : قوله (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) الاية : ٣٢.
اختلفوا في تأويل ذلك على ستة أقوال :
أحدها : قال الزجاج معناه أنه بمنزلة من قتل الناس جميعا في أنهم خصومه في قتل ذلك الإنسان.
الثاني : قال أبو علي : ان عليه مأثم كل قاتل من الناس ، لأنه سن القتل وسهله لغيره ، فكان بمنزلة المشارك فيه ، ومثله قوله عليهالسلام «من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة كان له وزرها ووزر من عمل