أحدهما : لأنهم لا يستحقون هذه الصفة لو وقعت منهم التوبة مع البيان عن أن الاخرة لا تقبل فيها توبة.
الثاني : أن ذلك مقيد بدليل العقل والسمع الذي دل على وجوب إسقاط العقاب عند التوبة ، كقوله (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ) (١) وعندنا أنه لم يقيده بالتوبة ، لان التوبة لا يجب إسقاط العقاب عندها عندنا ، وانما يتفضل الله بذلك عند التوبة فأراد أن يبين أن الخلاص من عذابه (٢) الذي استحق على الكفر به ومعاصيه لا يستحق على وجه ، وانما يكون ذلك تفضلا على كل حال.
قوله (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ) قيل : في معناه ثلاثة أقوال ، قال أبو علي : معناه يتمنون ، فجعل الارادة ها هنا تمنيا. وقال بعضهم : معناه يكادون أن يخرجوا منها إذا رفعتم تلهبها ، كما قال عزوجل (جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) (٣) أي : يكاد ويقارب.
فان قيل : كيف يجوز أن يريدوا الخروج من النار مع علمهم بأنهم لا يخرجون؟
قلنا : لان العلم بأن الشيء لا يكون لا يصرف عن ارادته ، كما أن العلم بأنه يكون لا يصرف عن ارادته ، وانما يدعو الى ارادة حسنها أو الحاجة اليها ، كما أن المراد بهذه هذه المنزلة.
فصل : قوله (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) الاية : ٣٨.
ظاهر قوله «والسارق والسارقة» يقتضي عموم وجوب القطع على كل من يكون سارقا أو سارقة ، لان الالف واللام إذا دخلا على الأسماء المشتقة أفاد الاستغراق إذا لم يكونا للعهد دون تعريف الجنس.
__________________
(١). سورة غافر : ٣.
(٢). في التبيان : عقابه.
(٣). سورة الكهف : ٧٧.