فأما من قال : القطع لا يجب الا على من كان سارقا مخصوصا من مكان مخصوص مقدارا مخصوصا ، وظاهر الاية لا ينبئ عن تلك الشروط ، فيجب أن تكون الاية مجملة مفتقرة الى بيان ، فقوله فاسد ، لان ظاهر الاية يقتضي وجوب القطع على كل من يسمى سارقا ، وانما يحتاج الى معرفة الشروط ليخرج من جملتهم من لا يجب قطعه [فأما من يجب قطعه فانا نقطعه بالظاهر ، فالآية مجملة فيمن لا يجب قطعه دون من يجب قطعه] (١) فسقط ما قالوه.
المعنى «في أيديهما» أيمانهما ، وانما جمعت الايدي لان كل شيء من شيئين فتثنيته بلفظ الجمع ، كما قال عزوجل (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) (٢).
وقال الفراء : كل ما كان في البدن منه واحد فتثنيته بلفظ الجمع ، لان أكثر أعضائه فيه منه اثنان ، فحمل ما كان فيه الواحد على مثل ذلك ، فقيل قلوبهما وظهورهما كما قيل عيونهما وأيديهما.
وقال الفراء : انما فعلوا ذلك للفصل بين ما في البدن منه واحد وبين ما في البدن منه اثنان ، فجعل ما في البدن منه واحد تثنيته وجمعه بلفظ واحد ولم يثن أصلا ، لان الاضافة تدل عليه ، ولان التثنية جمع ، لأنه ضم شيء الى شيء ، وان ثنى جاز ، قال الشاعر :
ظهراهما مثل ظهور الترسين
فجمع بين الامرين ، وانما اعتبرنا قطع الايمان لإجماع المفسرين على ذلك.
والنصاب الذي يتعلق القطع به قيل : فيه ستة أقوال : أولها ـ مذهبنا وهو ربع دينار ، وبه قال الاوزاعي والشافعي.
والحرز يختلف ، فلكل شيء حرز يعتبر فيه حرز مثله في العادة ، وحده
__________________
(١). ما بين المعقوفتين من تبيان.
(٢). سورة التحريم : ٤.