قلنا : الذي يدل على أن الولي يفيد الاولى قول أهل اللغة للسلطان المالك للأمر : فلان ولي الامر. قال الكميت :
ونعم ولي الامر بعد وليه |
|
ومنتجع التقوى ونعم المؤدب |
قال : ويقولون فلان ولي عهد المسلمين ، إذا استخلف للأمر لأنه أولى بمقام من قبله من غيره. وقال النبي عليهالسلام : أيما امرأة نكحت بغير اذن وليها فنكاحها باطل يريد من هو أولى بالعقد عليها. وقال تعالى (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) (١) يعني : من يكون أولى بحيازة ميراثي من بني العم.
وقال المبرد : الولي والاولى والاحق والمولى بمعنى واحد. والامر فيما ذكرناه ظاهر.
فأما الذي يدل على أن المراد به في الاية ما ذكرناه ، هو أن الله تعالى نفى أن يكون لنا ولي غير الله وغير رسوله وغير الذين آمنوا بلفظة «انما» ولو كان المراد به الموالاة في الدين لما خص بها المذكورين ، لان الموالاة في الدين عامة في المؤمنين كلهم ، قال الله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٢).
وانما قلنا ان لفظة «انما» تفيد التخصيص ، لان القائل إذا قال : انما لك عندي درهم ، فهم منه نفي ما زاد عليه ، وقام مقام قوله «ليس لك عندي الا درهم» وكذلك يقولون : انما النحاة المدققون البصريون ، ويريدون نفي التدقيق عن غيرهم. ومثله قولهم انما السخاء سخاء حاتم ، ويريدون نفي السخاء عن غيره ، قال الأعشى :
ولست بالأكثر منهم حصى |
|
وانما العزة للكاثر (٣) |
وأراد نفي العزة عن من ليس بكاثر. واحتجت الأنصار بما روي عن النبي
__________________
(١). سورة مريم : ٤ ـ ٥.
(٢). سورة التوبة : ٧٢.
(٣). اللسان «كثر».