تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١) وقال «رب ارجعون» (٢) وقال (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) (٣) ونظائر ذلك كثيرة. وقال (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) (٤) ولا خلاف أن المراد به واحد ، وهو نعيم بن مسعود الاشجعي ، وقال (أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) والمراد به رسول الله. وقال تعالى (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا) (٥) نزلت في عبد الله بن أبي سلول.
فإذا ثبت استعمال ذلك ، كان قوله (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) محمولا على الواحد الذي قدمناه.
فان قيل : لو كانت الاية تفيد الامامة ، لوجب أن يكون ذلك اماما في الحال ولجاز أن يأمر وينهى ويقوم بما يقوم به الائمة.
قلنا : من أصحابنا من قال : انه كان اماما في الحال ، لكن لم يأمر لوجود النبي عليهالسلام ، فكان وجوده مانعا من تصرفه ، فلما مضى النبي عليهالسلام قام بما كان له.
ومنهم من قال وهو الذي نعتمده : ان الاية دلت على فرض طاعته واستحقاقه للامامة ، وهذا كان حاصلا له. فأما التصرف فموقوف على ما بعد الوفاة ، كما يثبت استحقاق الامر لولي العهد في حياة الامام الذي قبله ، وان لم يجز له التصرف في حياته. وكذلك يثبت استحقاق الوصية للوصي ، وان منع من التصرف وجود الموصي ، فكذلك القول في الائمة. وقد استوفينا الكلام على الاية في كتب الامامة لا يحتمل بسطه هاهنا.
__________________
(١). سورة الحجر : ٩.
(٢). سورة المؤمنون : ٩٩.
(٣). سورة السجدة : ١٣.
(٤). سورة آل عمران : ١٧٢.
(٥). سورة آل عمران : ١٦٨.