وأما اليد فإنها تستعمل على خمسة أوجه : أحدها الجارحة. والثاني النعمة والثالث القوة. والرابع الملك. الخامس تحقيق اضافة الفعل. قال الله تعالى (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) (١) معناه القوي ، ويقال لفلان بن فلان يد ، أي نعمة ، قال الشاعر :
له في ذوي الحاجات أيد كأنها |
|
مواقع ماء المزن في البلد القفر |
وقوله (الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) معناه من يملك ذاك. وقوله (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) (٢) أي : توليت خلقه.
وقوله (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) تكذيب منه تعالى لما قالوه واخبار أن يديه مبسوطتان أي نعمة مبسوطة.
وقيل : في وجه تثنية اليد ثلاثة أقوال :
أولها : أنه أراد نعمة الدنيا ونعمة الدين ، أو نعمة الدنيا ونعمة الاخرة.
الثاني : قال الحسن : معناه قوتاه بالثواب والعقاب والغفران والعذاب ، بخلاف قول اليهود ان يديه مقبوضة من عذابنا.
الثالث : أن التثنية للمبالغة في صفة النعمة ، مثل قولهم لبيك وسعديك ، وكما يقول القائل فلان بسط يديه يعطي يمنة ويسرة ولا يريدون الجارحة وانما يريدون كثرة العطية ، وقال الأعشى :
يداك يدا مجد فكف مفيدة |
|
وكف إذا ما ظن بالزاد تنفق (٣) |
وقوله (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً) أي : سيزدادون عند ذلك طغيانا وكفرا ، لان القرآن لا يفعل شيئا من ذلك ، كما يقول القائل وعظتك
__________________
(١). سورة ص : ٤٥.
(٢). سورة ص : ٧٥.
(٣). ديوان الأعشى ص ١٥٠.