الثاني : قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهماالسلام : ان الله تعالى لما أوحى الى النبي عليهالسلام أن يستخلف عليا كان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الاية تشجيعا له على القيام بما أمره بأدائه.
وقوله (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) معناه : يمنعك أن ينالوك من قتل أو أسر أو قهر ، وأصله عصام القربة ، وهو وكاؤها الذي يشد به من سير أو خيط ، قال الشاعر :
وقلت عليكم مالكا ان مالكا |
|
سيعصمكم ان كان في الناس عاصم (١) |
فصل : قوله (يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً) الاية : ٦٨.
قيل : في معناه قولان : أحدهما ـ حتى تقيموهما بالتصديق بما فيهما من البشارة بالنبي عليهالسلام والعمل بما يوجبه ذلك فيهما.
الثاني : قال أبو علي : يجوز أن يكون الامر باقامة التوراة والإنجيل وما فيهما انما كان قبل النسخ لهما.
وقوله (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يريد به القرآن الذي أنزله على جميع الخلق.
والثاني أن يريد جميع ما نصب الله من الادلة الدالة على توحيده وصفاته وصدق نبيه صلىاللهعليهوآله.
فصل : قوله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ) الاية : ٦٩.
الصابئون جمع صابئ ، وهو الخارج عن دين عليه أمة عظيمة من الناس الى ما عليه فرقة قليلة ، وهم عباد الكواكب ، وعندنا لا تؤخذ منهم الجزية ، وعند المخالفين يجرون مجرى أهل الكتاب.
__________________
(١). مجاز القرآن ١ / ١٧١.