منهم ، أي : عمى وصم كثير منهم ، كما يقول : جاءني قومك أكثرهم. والثاني أن يكون جمع الفعل متقدما على لغة من قال أكلوني البراغيث وذهبوا قومك.
فصل : قوله (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) الاية : ٧٣.
القائلون بهذه المقالة هم جمهور النصارى من الملكية (١) واليعقوبية والنسطورية ، لأنهم يقولون : أب وابن وروح القدس اله واحد ، ولا يقولون ثلاثة آلهة ويمتنعون من العبارة ، وان كان يلزمهم أن يقولوا انهم ثلاثة آلهة ، وما كان هكذا صح أن يحكى بالعبارة اللازمة. وانما قلنا يلزمهم لأنهم يقولون : الابن اله والأب اله وروح القدس اله ، والابن ليس هو الأب.
فصل : قوله (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) الاية : ٧٥.
معنى «خلت» مضت «وأمه صديقة» قيل : في معناه قولان :
أحدهما : أنها كانت تصدق بآيات ربها ومنزلة ولدها ، وتصدقه فيما أخبرها به.
والثاني : لكثرة صدقها.
وقوله (يَأْكُلانِ الطَّعامَ) فيه احتجاج للنصارى ، لان من ولدته النساء وكان يأكل الطعام لا يكون إلها للعباد ، لان سبيله سبيلهم في الحاجة الى الصانع المدبر ، لان من فيه علامة الحدث لا يكون قديما ، ومن يحتاج الى غيره لا يكون قادرا لا يعجزه شيء.
فصل : قوله (ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً) الاية : ٨٢.
القسيسيون العباد في قول ابن زيد. والقس والقسيس واحد الا أنه قد صار كالعلم على رئيس من رؤساء النصارى في العبادة ويجمع قسوسا ، وأصله في اللغة
__________________
(١). في التبيان : الملكانية.