انه ليس على التخيير لكن على الترتيب ، ودخلت «أو» لأنه لا يخرج حكمه عن أحد الثلاثة ، على أنه ان لم يجد الجزاء فالاطعام ، وان لم يجد الإطعام فالصيام وفي رواية أخرى عن ابن عباس وعطاء والحسن وابراهيم على خلاف عنه ، واختاره الجبائي وهو قول بعض أصحابنا : انه على التخيير.
وليس في الاية دليل على العمل بالقياس ، لان الرجوع الى ذوي عدل في تقويم الجزاء كمثل الرجوع الى المقومين في قيم المتلفات ، ولا تعلق لذلك بالقياس
فصل : قوله (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) الاية : ٩٦.
قوله «وطعامه» يعني : طعام البحر. وقيل : في معناه قولان :
أحدهما : قال أبو بكر وعمر وابن عباس وابن عمر وقتادة : هو ما قذف به ميتا.
الثاني : في رواية أخرى عن ابن عباس وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وقتادة ومجاهد وابراهيم انه المملوح ، واختار الرماني الاول ، وقال : لأنه بمنزلة ما صيد منه وما لم يصد منه ، فعلى هذا تصح الفائدة في الكلام.
والذي يقتضيه ويليق بمذهبنا القول الثاني ، فيكون قوله «صيد البحر» المراد به ما أخذ طريا ، وقوله «وطعامه» ما كان منه مملوحا ، لان ما يقذف به البحر ميتا لا يجوز عندنا أكله لغير المحرم ولا للمحرم. وقال قوم : معنى «وطعامه» ما نبت بمائه من الزروع والثمار ، حكاه الزجاج.
وقوله (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) يقتضي ظاهره تحريم الصيد في حال الإحرام وأكل ما صاده غيره ، وبه قال علي وابن عباس وابن عمر. وقال عمر وعثمان والحسن : لحم الصيد لا يحرم على المحرم إذا صاده غيره. ومنهم من فرق بين ما صيد وهو محرم ، وبين ما صيد قبل إحرامه ، وعندنا لا فرق بينهما والكل محرم.