الله تعالى هو الخالق للكفر والمعاصي وعبادة الأصنام وغيرها من القبائح ، لأنه تعالى نفى أن يكون هو الذي جعل البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، وعندهم أن الله تعالى هو الجاعل له والخالق تكذيبا لله وجرأة عليه ، ثم بين تعالى أن هؤلاء بهذا القول قد كفروا بالله وافتروا عليه ، بأن أضافوا اليه ما ليس بفعل له ، وذلك واضح لا اشكال فيه.
والبحيرة هي الناقة التي تشق أذنها ، يقال : بحرت الناقة أبحرها بحرا ، والناقة مبحورة وبحيرة إذا شققتها شقا واسعا ، ومنه البحر لسعته ، وكانت (١) الجاهلية إذا نتجت الناقة خمسة أبطن وكان آخرها ذكرا بحروا أذنها ، أي : شقوها وامتنعوا من ركوبها وذبحها ولم تطرد عن ماء ولم تمنع من رعي ، وإذا لقيها المعيي لم يركبها.
والسائبة المخلاة وهي المسيبة ، وكانوا في الجاهلية إذا نذر انسان لقدوم من سفر أو برء من مرض أو ما أشبه ذلك قال : ناقتي سائبة ، فكانت كالبحيرة في التخلية ، وكان إذا أعتق الإنسان عبدا فقال : هو سائبة ، لم يكن بينهما عقد ولا ولاء ولا ميراث.
والوصيلة الأنثى من الغنم إذا ولدت مع الذكور (٢) ، قالوا : وصلت أخاها فلم يذبحوه. وقال أهل اللغة : كانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم ، وإذا ولدت ذكرا ذبحوه لآلهتهم في زعمهم ، وإذا ولدت ذكرا وأنثى قالوا : وصلت أخاها فلم يذبحوه لآلهتهم.
والحام الفحل من الإبل الذي قد حمى ظهره من أن يركب بتتابع أولاد تكون من صلبه ، وكانت العرب إذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا : حمى ظهره ، فلا يحمل عليه شيء ولا يمنع من ماء ولا مرعى.
__________________
(١). في التبيان : وكانوا في.
(٢). في التبيان : ولدت أنثى مع الذكر.