فصل : قوله (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) الاية : ١٠٤.
في الاية دلالة على فساد التقليد ، لان الله تعالى أنكر عليهم تقليد الاباء ، فدل ذلك على أنه لا يجوز لاحد أن يعمل على شيء من أمر الدين الا بحجة.
وفيها دلالة على وجوب المعرفة وأنها ليست ضرورية ، لان الله تعالى بين الحجاج عليهم في هذه الاية ليعرفوا صحة ما دعا الرسول اليه ، ولو كانوا يعرفون الحق ضرورة لم يكونوا مقلدين لآبائهم في اعتقاد خلافه ، وكان يجب أن يكون آباؤهم أيضا عارفين ضرورة ، ولو كانوا كذلك لما صح الاخبار عنهم بأنهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون.
فصل : قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) الاية : ١٠٥.
ليس في الاية ما يدل على سقوط انكار المنكر ، وانما يجوز الاقتصار على الاهتداء باتباع أمر الله تعالى في حال التقية ، هذا قول ابن مسعود ، على أن الإنسان انما يكون مهتديا إذا اتبع أمر الله في نفسه وفي غيره بالإنكار عليه ، وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : إذا رأى الناس منكرا فلم يغيروه عمهم الله بالعقاب.
فصل : قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ) الاية ١٠٦.
ذكر الواقدي وأبو جعفر عليهالسلام أن سبب نزول هذه الاية ما قال أسامة بن زيد عن أبيه قال : كان تميم الداري وأخوه عدي نصرانيين وكان متجرهما الى مكة فلما هاجر رسول الله الى المدينة قدم ابن أبي مارية مولى عمرو بن العاص المدينة