ويعدل بالكافرين عنه الى النار ، ولا يلحق الإضلال الا الكفار والفساق المستحقين للعقاب ، ولذلك لا يفعل الثواب والخلود في الجنة الا بالمؤمنين ، لان الثواب لا يستحقه سواهم.
فصل : قوله (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) الاية : ٤٤.
قال الزجاج : المبلس الشديد الحسرة ، والبائس الحزين. وقال البلخي : معنى أذلة خاضعين. وقال الجبائي : معنى مبلسون آئسون. قال الفراء : المبلس المنقطع الحجة. قال رؤية :
وحضرت يوم الخميس الأخماس |
|
وفي الوجوه صفرة وأبلاس (١) |
وقال مجاهد : الإبلاس السكوت مع اكتياب.
وقوله (كُلِّ شَيْءٍ) المراد به التكثير دون العموم ، مثل قوله (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) (٢) وكقول القائل أكلنا عنده كل شيء ورأينا معه كل خير ، وكما يقال : هذا قول أهل العراق وأهل الحجاز ، ويراد به قول أكثرهم. وقال تعالى (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها) (٣) وكل ذلك يراد به الخصوص ، وموضوعه التكثير والتفخيم.
فصل : قوله (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) الاية : ٥٢.
سبب نزول هذه الاية ما رواه ابن مسعود وغيره أن ملاء من قريش ـ وقال الفراء : من الكفار ـ منهم عيينة بن حصين الفزاري دخلوا على النبي عليهالسلام وعنده بلال
__________________
(١). اللسان «بلس».
(٢). سورة النمل : ٢٣.
(٣). سورة طه : ٥٦.