وسلمان وصهيب وعمار وغيرهم ، فقال عيينة بن حصين : يا رسول الله لو نحيت هؤلاء عنك لا تاك أشراف قومك وأسلموا ، فكان ذلك خديعة منهم له : وكان الله عالما ببواطنهم ، فأمر الله تعالى نبيه أن لا يطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي
قال الجبائي وهو أظهر الأقوال : ما عليك من أعمالهم ولا عليهم من أعمالك بل كل واحد يؤاخذ بعمله ويجازى على فعله لا على فعل غيره.
وقوله (فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) اخبار منه تعالى أنه لو طردهم تقربا الى الكبراء منهم كان بذلك ظالما ، والنبي عليهالسلام وان لم يقدم على القبيح ، جاز أن ينهى عنه لأنه قادر عليه ، ولمكان (١) النهي والزجر يمتنع منه ، كما قال تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (٢) وان كان الشرك مأمونا منه.
فصل : قوله (سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) الاية : ٥٤.
قال محمد بن يزيد : السلام في اللغة أربعة أشياء : أحدها ـ سلمت سلاما مصدر.
وثانيها : السلام جمع سلامة.
وثالثها : السلام أسم من أسماء الله.
ورابعها : السلام شجر. ومعنى السلام الذي هو مصدر سلمت دعاء للإنسان بأن يسلم في دينه ونفسه ، ومعناه التخلص.
فان قيل : قوله وأصلح هل فعل الصلاح شرط في قبول التوبة أم لا؟ فان لم يكن شرطا فلم علق الغفران بمجموعهما؟
قيل : لا خلاف أن التوبة متى حصلت على شرائطها التي قدمنا ذكرها في غير موضع ، فانه يقبل التوبة ويسقط العقاب ، وان لم يعمل بعدها عملا صالحا ، غير
__________________
(١). في التبيان : وان كان.
(٢). سورة الزمر : ٦٥.