روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : معنى «عذابا من فوقكم» السلطان الجائر ، ومن تحت أرجلكم السفلة ومن لا خير فيه «أو يلبسكم شيعا» قال : العصبية «ويذيق بعضكم بأس بعض» قال : سوء الجوار ، ويكون معنى البعث على هذا الوجه التمكين ورفع الحيلولة دون أن يفعل ذلك أو يأمر به ، يتعالى الله عن ذلك.
فصل : قوله (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الاية : ٦٨.
الخوض التخليط في المفاوضة على سبيل العبث واللعب ، وترك التفهم والتبيين ، ومثله قول القائل : تركت القوم يخوضون ، أي : ليسوا على سداد فهم ، يذهبون ويجيئون من غير تحقيق ولا قصد للواجب.
أمره حينئذ أن يعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ، لان من حاج من هذه حاله وأراد التبيين له ، فقد وضع الشيء في غير موضعه وحط من قدر الدعاء والبيان والحجاج.
ثم قال له عليهالسلام : ان أنساك الشيطان ذلك «فلا تقعد بعد الذكرى» والذكرى والذكر واحد (مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) يعني : هؤلاء الذين يخوضون في ذكر الله وآياته.
ثم رخص للمؤمنين بقوله (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ) بأن يجالسوهم إذا كانوا مظهرين للتكبر عليهم غير خائفين منهم ، ولكن ذكرى يذكرونهم ، أي ينبهونهم ان ذلك يسؤهم (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ثم نسخ ذلك بقوله (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها) الى قوله (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) (١) وبهذا قال سعيد بن جبير والسدي وجعفر بن مبشر ، واختاره البلخي ، وقال : في
__________________
(١). سورة النساء : ١٣٩