أول الإسلام كان ذلك يختص النبي عليهالسلام ورخص للمؤمنين فيه ، ثم لما عز الإسلام وكثر المؤمنون نهوا عن مجالستهم ونسخت الاية.
واستدل الجبائي بهذه الاية على أنه لا يجوز على الائمة المعصومين على مذهبنا التقية ، قال : لأنهم إذا كانوا الحجة كانوا مثل النبي ، فكما لا يجوز عليه التقية فكذلك الامام على مذهبكم.
وهذا ليس بصحيح ، لأنا لا نجوز على الامام التقية فيما لا يعرف الا من جهته كالنبي ، وانما تجوز التقية عليه فيما يكون عليه دلالة قاطعة موصلة الى العلم ، لان المكلف علته مزاحة في تكليفه ، وكذلك يجوز في النبي عليهالسلام ان لا يبين في الحال لامته ما يقوم منه بيان منه ، أو من الله ، أو عليه دلالة عقلية ، ولذلك قال النبي عليهالسلام لعمر حين سأله عن الكلالة ، فقال : يكفيك آية الصيف ، وأحال آخر في تعرف الوضوء على الاية. فأما ما لا يعرف الا من جهته فهو والامام فيه سواء لا يجوز فيهما التقية في شيء من الأحكام.
واستدل الجبائي أيضا بالاية على أن الأنبياء يجوز عليهم السهو والنسيان قال : بخلاف ما يقوله الرافضة بزعمهم أنه لا يجوز عليهم شيء من ذلك.
وهذا ليس بصحيح أيضا ، لأنا انما لا نجوز عليهم السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله ، فأما غير ذلك فانه يجوز أن ينسوه أو يسهوا عنه مما لم يؤد ذلك الى الإخلال بكمال العقل ، وكيف لا يجوز عليهم ذلك؟ وهم ينامون ويمرضون ويغشى عليهم ، والنوم سهو وينسون كثيرا من متصرفاتهم أيضا وما جرى لهم فيما مضى من الزمان ، فالذي ظنه فاسد.
وقال أيضا : في الاية دلالة على وجوب انكار المنكر ، لأنه تعالى أمره بالاعراض عنهم على وجه الإنكار عليهم والازدراء لفعلهم ، وكل أحد يجب عليه ذلك اقتداءا بالنبي عليهالسلام.
فصل : قوله (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ