كما يقال : هؤلاء يناحوننا ، أي : نحن نحوهم وهم نحونا.
وروي عن ابن عباس أنه قال : أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا شأن القبلة.
وقال قتادة : نسخت هذه الاية ما قبلها. وقال جعفر بن مبشر : هذا مما نسخ من السنة بالقرآن. وهذا هو الأقوى ، لأنه ليس في القرآن ما يدل على تقيده بالتوجه الى بيت المقدس.
ومن قال : أنها نسخت قوله (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (١) قلنا له : هذه ليست منسوخة ، بل هي مختصة بالنوافل في حال السفر.
والحق وضع الشيء في موضعه إذا لم يكن فيه وجه من وجوه القبح (٢). والغفلة هي السهو عن بعض الأشياء خاصة ، وإذا كان السهو عاما فهو فوق الغفلة ، وهو السهو العام ، لان النائم لا يقال أنه غفل عن الشيء الا مجازا.
وقال عطاء في قوله (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) قال : الحرم كله مسجد ، وهذا مثل قول أصحابنا : ان الحرم قبلة من كان نائيا عن الحرام من أهل الآفاق.
واختلف الناس في صلاة النبي عليهالسلام الى بيت المقدس ، فقال قوم : كان يصلي بمكة الى الكعبة ، فلما صار بالمدينة أمر بالتوجه الى بيت المقدس سبعة عشر شهرا ، ثم أعيد الى الكعبة.
وقال قوم : كان يصلي بمكة الى بيت المقدس ، الا أنه كان يجعل بينه وبينها ، ولا يصلي من غير المكان الذي يمكن هذا فيه.
وقال قوم : بل كان يصلي بمكة وبعد قدومه المدينة سبعة عشر شهرا الى بيت
__________________
(١). سورة البقرة : ١١٥.
(٢). في «ن» : النسخ.