المقدس ، ولم يكن عليه أن يجعل الكعبة بينه وبينها ، ثم أمره الله بالتوجه الى الكعبة.
ومن صلى الى غير القبلة لشبهة دخلت عليه ثم تبينه ، فان كان الوقت باقيا أعاد الصلاة. وان خرج الوقت ، فان كان صلى يمينا وشمالا ، فلا اعادة عليه ، وان صلى الى استدبارها أعاد ، وفيه خلاف بين الفقهاء ذكرناه في الخلاف.
فصل : قوله (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) وقد آمن منهم خلق.
قلنا عن ذلك جوابان :
أحدهما : قال الحسن : ان المعنى ان جميعهم لا يؤمن ، وهو اختيار الجبائي.
والثاني : ان ذلك مخصوص بمن كان معاندا من أهل الكتاب ، دون جميعهم الذين وصفهم الله ، فقال : (يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) اختاره البلخي والزجاج.
وهذه الاية دالة على فساد قول من قال : لا يكون الوعيد بشرط ، وعلى فساد قول من قال بالموافاة ، وأن من علم الله أنه يؤمن لا يستحق العقاب أصلا ، لان الله تعالى علق الوعيد بشرط ، فوجب أن يكون متى حصل الشرط يحصل استحقاق العقاب.
وفيها دليل على فساد قول من قال : ان الوعيد لا يقع لمن علم أنه لا يعصي ، لان الله تعالى علم من حال الرسول أنه لا يتبع أهواءهم ، ومع هذا توعده ان اتبع أهواءهم.
وفي الاية دلالة على بطلان قول من قال : ان في المقدور لطفا لو فعل الله بالكافر لا من لا محالة من قبل. انه قيل في قوله (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ