الى سبه مقابلة له ، لأنه بمنزلة البعث على المعصية والمفسدة فيها.
فصل : قوله (وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً) الاية : ١١١.
قرأ ابن عامر ونافع وأبو جعفر «قبلا» بكسر القاف وفتح الباء ، الباقون بضمها قال أبو زيد : لقيت فلانا قبلا وقبلا وقبيلا ومقابلة كله بمعنى وهو المواجهة وقال أبو عبيدة : قبلا ، أي معاينة.
وفي الاية دلالة على أنه لو علم الله أنه لو فعل بهم من الآيات ما اقترحوها لآمنوا أنه كان يفعل ذلك بهم ، وأنه يجب في حكمته ذلك ، لأنه لو لم يجب ذلك لما كان لهذا الاحتياج معنى.
وتعليله بأنه انما لم يظهر هذه الآيات لعلمه بأنه لو فعلها لم يؤمنوا ، وذلك يبين أيضا فساد قول من يقول : يجوز أن يكون في معلوم الله ما إذا فعله بالكافر آمن ، لأنه لو كان ذلك معلوما لفعله ولآمنوا والامر بخلافه.
وقوله «زخرف القول» معناه : هو المزين ، يقال زخرفه زخرفة إذا زينه.
فصل : قوله (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) الاية : ١١٤.
فان قيل : كيف يصح على أصلكم في الموافاة ونفي الإحباط وصف الكفار بأنهم يعلمون الحق وذلك مما يستحق به الثواب ، ولا خلاف أن الكافر لا ثواب معه.
قلنا : عنه جوابان : أحدهما ـ أن تكون الاية مخصوصة لمن آمن منهم في المستقبل ، فانا نجوز أن يكون في الحال عالما بالله وبأن القرآن حق ، ثم يظهرون الإسلام فيما بعد فيتكامل الايمان ، لان الايمان لا يحصل دفعة واحدة ، بل يحصل جزءا فجزءا ، لان أوله العلم بحدوث الأجسام ، ثم ان لها محدثا ، ثم العلم بصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز ، ثم العلم بالثواب والعقاب وما يتبعهما