وذلك يحصل في أوقات كثيرة.
والثاني : أن يكونوا علموه على وجه لا يستحقون به الثواب ، لأنهم يكونون نظروا في الادلة لا لوجه وجوب ذلك عليهم بل لغير ذلك ، فحصل لهم العلم وان لم يستحقوا به ثوابا.
ويحتمل أن يكون المراد به الذين آتيناهم الكتاب المؤمنين المسلمين دون أهل الكتاب ، ويكون المراد بالكتاب القرآن ، لأنا قد بينا أن الله سماه كتابا بقوله (الر. كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ) (١).
فصل : قوله (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) الاية : ١١٦.
الخرص الكذب ، يقال خرص يخرص خرصا وخروصا وتخرص تخرصا واخترص اختراصا ، وأصله القطع ، ومنه خرص النخل يخرص خرصا إذا جزره.
وفي الاية دلالة على بطلان قول أصحاب المعارف ، وبطلان قولهم أن الله تعالى لا يتوعد من لا يعلم الحق ، لان الله تعالى بين في هذه الاية أنهم يتبعون الظن ولا يعرفونه وتوعدهم على ذلك ، وذلك بخلاف مذهبهم.
فصل : قوله (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ) الاية : ١١٨.
قوله (فَكُلُوا) وان كان لفظه لفظ الامر ، فالمراد به الاباحة ، لان الاكل ليس بواجب ولا مندوب ، الا أن يكون في الاكل استعانة على طاعة الله ، فانه يكون الاكل مرغبا فيه وربما كان واجبا ، فأما ما يمسك الرمق فخارج عن ذلك ، لان عند ذلك يكون الإنسان ملجإ الى تناوله.
وقوله «(مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ، فالذكر المسنون هو قول اسم الله. وقيل : كل اسم يختص الله تعالى به أو صفة مختصة ، كقوله بسم الله الرحمن الرحيم ، أو
__________________
(١). سورة هود : ١.