الثاني : في الاخرة يعطيهم إياه.
فصل : قوله (قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) الاية : ١٢٨.
قيل : في معنى هذا الاستثناء ثلاثة أقوال :
أحدها : الا ما شاء الله من الفائت قبل ذلك من الاستحقاق من وقت الحشر الى زمان المعاقبة ، وتقديره : خالدين فيها على مقادير الاستحقاق الا ما شاء الله من الفائت قبل ذلك ، لان ما فات يجوز إسقاطه بالعفو عنه ، والفائت من الثواب لا يجوز تركه ، لأنه بخس لحقه ، ذكره الرماني والبلخي والطبري والزجاج والجبائي.
الثاني : الا ما شاء الله من تجديد الجلود بعد احتراقها (١) وتصريفهم في أنواع العذاب معها ، والتقدير : خالدين فيها على صفة واحدة الا ما شاء الله من هذه الأمور.
وقال قوم : معنى ما من وتقديره الا من شاء الله إخراجه من النار من المؤمنين الذين لهم ثواب بعد استيفاء عقابهم.
فصل : قوله (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) الاية : ١٣٠.
وقوله (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) احتجاج عليهم بأن الله بعث اليهم الرسل ، ولا بد أن يكون خطابا لمن بعث اليهم الرسل. فأما أول الرسل ، فلا يمكن أن يكونوا داخلين فيه ، لأنه كان يؤدي الى ما لا نهاية لهم من الرسل.
قوله «منكم» وان كان خطابا لجميعهم والرسل من الانس خاصة ، فانه يحتمل أن يكون لتغليب أحدهما على الاخر ، كما يغلب المذكر على المؤنث ، وكما قال
__________________
(١). في التبيان : احتراقهم.