لاحد له ، وانما المراد به حتى يكمل عقله ، ولا يكون سفيها يحجر عليه. والمعنى حتى يبلغ أشده ، فيسلم اليه ما له أو يأذن في التصرف في ماله ، وحذف لدلالة الكلام عليه ، وهذا أقوى الوجوه.
فصل : قوله (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) الاية : ١٥٥.
قوله «مبارك» فالبركة ثبوت الخير بزيادته ونموه ، وأصله الثبوت ، قال الشاعر :
ولا ينجي من الغمرات الا |
|
براكاء القتال أو الفرار |
ومنه تبارك الله ، أي : تعالى بصفة اثبات لا أول له ولا آخر ، وهذا تعظيم لا يستحقه غير الله تعالى.
فصل : قوله (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها) الاية : ١٥٧.
فان قيل : كيف قال (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ) بأن يجحدها ، ولو فرضنا أنه ضم الى ذلك قتل النفوس وانتهاك المحارم كان أظلم؟
قلنا : عنه جوابان : أحدهما للمبالغة ، لخروجه الى المنزلة الداعية الى كل ضرب من الفاحشة ، والاخر أنه لا خصلة من ظلم النفس أعظم من هذه الخصلة.
فصل : قوله (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) الاية : ١٦٠.
معناه : فله عشر حسنات أمثالها ، ويجوز في العربية فله عشر مثلها ، فيكون المثل في لفظ الواحد وفي معنى الجميع ، كما قال (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) (١) ومن قال أمثالها فهو كقوله (ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) (٢) وانما جاز في مثل التوحيد في معنى الجمع ، لأنه على قدر ما يشبه به ، تقول : مررت بقوم مثلكم وبقوم أمثالكم.
قال أكثر أهل العدل : ان الواحد من العشرة مستحق وتسعة تفضل وقال بعضهم : المعنى فله من الثواب ثواب عشر حسنات أمثالها ، وهذا لا يجوز لأنه يقبح أن
__________________
(١). سورة النساء : ١٣٩.
(٢). سورة محمد : ٣٨.