يعطي غير العامل مثل ثواب العامل ، كما يقبح أن يعطي الأطفال مثل ثواب الأنبياء ومثل إجلالهم وإكرامهم.
وانما لم يتوعد على السيئة الا مثلها ، لان الزائد على ذلك ظلم ، والله يتعالى عن ذلك ، وزيادة الثواب على الجزاء تفضل واحسان ، فجاز أن يزيد عليه.
قال الرماني : ولا يجوز على قياس عشر أمثالها عشر صالحات بالاضافة ، لان المعنى ظاهر في أن المراد عشر حسنات أمثالها. وقال غيره : ان الصالحات لا تعد لأنها أسماء مشتقة ، وانما تعد الأسماء والمثل اسم ، فلذلك جاز العدد به.
فان قيل : كيف تجمعون بين قوله (فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) وبين (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) (١) وقوله (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) (٢) ولان المجازاة بدخول الجنة مثابا فيها على وجه التأبيد لا نهاية له ، فكيف يكون ذلك عشر أمثالها وهل هذا الا ظاهر التناقض؟
قلنا : الجواب عن ذلك ما ذكره الزجاج وغيره أن المعنى في ذلك أن جزاء الله على الحسنات على التضعيف للمثل الواحد الذي هو النهاية في التقدير في النفوس ، ويضاعف الله عن ذلك بما بين عشرة أضعاف الى سبعمائة ضعف الى أضعاف كثيرة ، ففائدة ذلك أنه لا ينقص من الحسنة عن عشر أمثالها وفيما زاد على ذلك يزيد من يشاء من فضله وإحسانه.
وقال آخرون : المعنى في ذلك أن الحسنة لها مقدار من الثواب معلوم لله تعالى فأخبر الله تعالى أنه لا يقتصر بعباده على ذلك ، بل يضاعف لهم الثواب حتى يبلغ بذلك ما أراد وعلم أنه أصلح لهم ولم يرد العشرة بعينها ، لكن أراد الاضعاف ، كما يقول
__________________
(١). سورة البقرة : ٢٦١.
(٢). سورة البقرة : ٢٤٥.