معناه : أبى جوده البخل ، وروى أبو عمرو بن العلاء : أبى جوده لا البخل بالجر ، كأنه قال : أبى جوده كلمة البخل ، ورواه كذا عن العرب. وقال الزجاج : فيه وجه ثالث لا البخل على النصب بدلا من «لا» كأنه قال : أبي جوده أن يقول لا فقال نعم.
الثاني : انه دخله معنى ما دعاك الى أن لا تسجد.
الثالث : ما ألجأك الى أن لا تسجد.
واستدل بهذه الاية على أن الامر من الله يقتضي الإيجاب ، بأن الله تعالى ذم إبليس على امتناعه من السجود حين أمره ، فلو كان الامر يقتضي الندب لما استحق العتب بالمخالفة وترك الامتثال ، والامر بخلاف ذلك في الاية.
فصل : قوله (قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) الآيتان : ١٤ ـ ١٥.
الوجه في مسألة إبليس الانظار مع علمه أنه مطرود ملعون مسخوط عليه ، علم بأن الله تعالى يظاهر الى عباده بالإحسان ويعمهم بانعامه ، فلم يصرف ارتكابه المعصية وإصراره على الخطيئة عن المسألة طامعا في الاجابة.
وقيل : في معنى قوله (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) هل فيه اجابة له الى ما التمسه أم لا؟ فقال السدي وغيره : انه لم يجبه الى يوم يبعثون ، لان يوم القيامة وهو يوم بعث لا يوم موت ، ولكن انظر الى يوم الوقت المعلوم ، كما ذكره في آية أخرى في سورة صاد (١) ، ويقوى ذلك قوله (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) وليس ينظر أحد في يوم القيامة على هذا المعنى.
الثاني : أنه سأل تأخير الجزاء بالعقوبة الى يوم يبعثون لما خاف من تعجيل العقوبة فأنظر على هذا. وقال قوم : أنظر الى يوم القيامة والأقوى الوجه الثاني ،
__________________
(١). آية ٧٩ ـ ٨١.