وقبيل الشيطان قال الحسن وابن زيد : هو نسله ، وبه قال أبو علي ، واستدل على ذلك بقوله (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) (١).
وقوله (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ) معناه : انا حكمنا بذلك ، لأنهم يتناصرون على الباطل ، ومثله قوله (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) (٢) أي : حكموا بذلك حكما باطلا.
فصل : قوله (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) الاية : ٢٨.
في هذه الاية أدل دليل وأوضح حجة على قول المجبرة ، ومعنى قوله (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) لأنهم ان قالوا لا نقضوا مذهبهم ، وان قالوا نعم افتضحوا في قولهم.
وقال الزجاج : معنى قوله (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ) أتكذبون عليه؟.
فان قيل : انما أنكر الله قولهم ان الله أمرنا بها ، ولا يدفع ذلك أن يكون مريدا لها ، لان الامر منفصل من الارادة.
قلنا : الامر لا يكون أمرا الا بارادة المأمور به ، فما أراده فقد رغب فيه ودعا اليه ، فاشتركا في المعنى.
فصل : قوله (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) الاية : ٣٠.
الهدى والضلال في الاية يحتمل أربعة أوجه :
أحدها : أنه حكم بأن هؤلاء مهتدون مدحا لهم ، وحكم بأن أولئك ضالون ذما لهم.
الثاني : هدى بأن لطف بهؤلاء بما اهتدوا عنده ، وصار كالسبب لضلال أولئك
__________________
(١). سورة الكهف : ٥١.
(٢). سورة الزخرف : ١٩.