عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ) (١).
قوله (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ) الا قلال جمل الشيء بأسره حتى يقل في طاقة الحامل له بقوة جسمه ، يقال : استقل بحمله. والبلد الميت هو الذي اندرست مشاربه وتعفت مزارعه.
فصل : قوله (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً) الاية : ٥٨.
وجه ضرب المثل بالأرض الطيبة والأرض الخبيثة مع أنهما من فعل الله وكلاهما حكمة وصواب ، فالطاعات والمعاصي التي أحدهما بأمر الله والاخرى بخلاف أمره ، هو أن الله تعالى لما جعل المنفعة بأحدهما والمضرة بالآخر ، فمثل بذلك الانتفاع بالعمل الصالح والاستضرار بالمعاصي والقبائح.
وقوله (وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً) فالنكد العسر لشدته الممتنع من إعطاء الخير على وجه البخل ، قال الشاعر :
لا تنجز الوعد ان وعدت وان |
|
أعطيت أعطيت تافها نكدا (٢) |
فصل : قوله (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) الاية : ٥٩.
لم يجعل خوفه عليهم على وجه الشك ، بل أخبرهم أن هذا العذاب سيحل بهم ان لم يقبلوا ما أتاهم به ، لان الخوف قد يكون مع اليقين كما يكون مع الشك ألا ترى أن الإنسان يخاف من الموت وهو لا يشك في كونه.
فصل : قوله (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ) الاية : ٦٠.
قيل : في معنى الملاء قولان : أحدهما ـ أنهم الجماعة من الرجال خاصة دون
__________________
(١). سورة الحاقة : ٦.
(٢). مجاز القرآن ١ / ٢١٧.