وقوله (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) (٢) أي : رجعوا ، قال الشاعر :
وبوأت في صميم معشرها |
|
فتم في قومها مبوأها |
أي : أنزلت ومكنت من الكرم في صميم النسب.
فصل : قوله (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا) الاية : ٧٧.
قوله (وَعَتَوْا) أي : تجاوزوا الحد في الفساد.
وقوله (يا صالِحُ ائْتِنا) ان وصلته همزته وان ابتدأت به لم تهمز ، بل تقول. ايتنا ، وانما كان كذلك لان أصله اءتنا بهمزتين ، فكره ذلك ، فقلبوا الثانية ياء على ما قبلها ، فإذا وصل سقطت ألف الوصل وظهرت همزة الأصل.
وقوله «بما تعدنا» فالوعد الخبر بخير ، أو شر بقرينة في الشر ، فقوله «ائتنا بما تعدنا» أي : من الشر ، لأنا قد علمنا ما توعدتنا عليه ، فآت الآن بالعذاب الذي خوفتنا منه ، ومتى تجرد عن قرينة فهو بالخير أحق ، للفصل بين الوعد والوعيد.
فصل : قوله (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ. فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) الآيتان : ٧٨ ـ ٧٩.
معنى «جاثمين» باركين على ركبهم موتى ، جثم يجثم جثوما إذا برك على ركبته ، وقيل : صاروا كالرماد الجاثم ، لان الصاعقة أحرقتهم.
وقوله (وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي) انما جاز أن يناديهم مع كونهم جاثمين موتى لما في تذكر ما أصارهم الى تلك الحال العظيمة التي صاروا بها نكالا لكل من اعتبر بها وفكر فيها من الحكمة والموعظة الحسنة.
وانما لم يحبوا الناصح لنهيه لهم عن ركوب أهوائهم واتباع شهواتهم ،
__________________
(٢). سورة البقرة : ٦١.