بعرفة ، والسعي بين الصفا والمروة. واشتقاقه من الحج الذي هو القصد على وجه التكرار والتردد. قال الشاعر (١) :
وأشهد من عوف حلولا كثيرة |
|
يحجون سب الزبرقان المزعفرا (٢). |
يعني : يكثرون التردد اليه لسؤدده.
وأما العمرة في الأصل فهي الزيارة ، وهي هاهنا زيارة البيت بالعمل المشروع : من طواف الزيارة والإحرام ، وأخذت العمرة من العمارة ، لان الزائر للمكان يعمره بزيارته له.
وقوله (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ) فالجناح هو الميل عن الحق ، وأصله من جنح اليه جنوحا إذا مال اليه.
والفرق بين الطاعة والتطوع : أن الطاعة موافقة الارادة في الفريضة والنافلة والتطوع التبرز بالنافلة خاصة ، وأصلها الطوع الذي هو الانقياد.
وانما قال (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) وهو طاعة من حيث أنه جواب لمن توهم أن فيه جناحا لصنمين كانا عليه ، أحدهما إساف ، والاخر نائلة ، في قول الشعبي وكثير من أهل العلم ، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام ، وكان ذلك في عمرة القضاء ولم يكن فتح مكة بعد ، وكانت الأصنام على حالها حول الكعبة.
وقال قوم : سبب ذلك أن الجاهلية كانوا يطوفون بينهما ، فكره المسلمون ذلك خوفا أن يكون من أفعال الجاهلية ، فأنزل الله الاية.
وقوله «ومن تطوع خيرا» قيل : فيه ثلاثة أقوال ، أولها : من تطوع خيرا ، أي بالحج أو العمرة بعد الفريضة. الثاني : من تطوع خيرا بعد الفرائض.
فصل : قوله (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ
__________________
(١). هو المخبل السعدي ، وهو مخضرم.
(٢). البيان والتبين ٣ / ٩٧.