فصل : قوله (أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) الاية : ١١١.
قال ابن عباس : أرجه أخره. وقال قتادة : معناه احبسه ، يقال : أرجأت الامر إرجاء ، ومنه قولهم المرجئة ، وهم الذين يجوزون الغفران لمرتكبي الكبائر من غير توبة.
والأخ هو النسب بولادة الأدنى من أب أو أم أو منهما ، ويقال الأخ الشفيق ويسمى الصديق الأخ تشبيها بالنسب. فأما الموافق في الدين ، فانه أخ بحكم الله في قوله (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (١) وانما دخلت «كل» وهي للعموم على واحد ، لأنه في معنى الجمع ، كأنه قال : بكل السحرة إذا أفردوا ساحرا ساحرا.
والفرق بين كل ساحر وبين بكل السحرة أنه إذا قيل بكل السحرة ، فالمعنى المطلوب للجميع ، وإذا قيل : بكل ساحر ، فالمعنى المطلوب بكل واحد منهم ، ويبين ذلك قول القائل : لكل ساحر درهم ولكل السحرة درهم ، فان الاول يفيد أن لكل واحد درهما ، والثاني أن الجميع لهم درهم.
فصل : قوله (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) الاية : ١١٣.
وفي الاية دليل لقوم فرعون على حاجته وذلته لو استدلوا وأحسنوا النظر لنفوسهم ، لأنه لم يحتج الى السحرة الا لذله وعجزه ، وكذلك في طلب السحرة الأجر دليل على عجزهم عما كانوا يدعون من القدرة على قلة الأعيان ، لأنهم لو كانوا قادرين على ذلك لاستغنوا عن طلب الأجر من فرعون ولقلبوا الصخر ذهبا ولقلبوا فرعون كلبا واستولوا على ملكه.
قال ابن إسحاق : وكان السحرة خمسة عشر ألفا. وقال ابن المنكدر : كانوا ثمانين ألفا. وقال كعب الأحبار : كانوا اثنا عشر ألفا.
__________________
(١). سورة الحجرات : ١٠.