فصل : قوله (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ. قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) الاية : ١١٥ ـ ١١٦.
السحر هو الخفة والافراط فيها حتى تخيل بها الأشياء عن الحقيقة والاحتيال مما يخفى على كثير من الناس.
وقال قوم : معناه خيلوا الى أعين الناس بما فعلوه من التخييل والخدع أنها تسعى ، كما قال تعالى (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) (١).
وقال الرماني : معنى سحر الأعين قلبها عن صحة إدراكها بما يتخيل من الأمور المموه لها بلطف الحيلة التي تجري مجرى الخفة والشعبذة مما لا يرجع الى حقيقة والمحدث لهذا التخيل هو الله تعالى عند ما أظهروا من تلك المخاريق ، وانما نسب اليهم لأنهم عرضوا بما لو لم يعلموه لم يقع ، كما لو جعل طفلا تحت البرد فهو القاتل له في الحكم والله تعالى أماته.
وانما جاز من موسى أن يأمرهم بإلقاء السحر ، وهو كفر لامرين :
أحدهما : ان كنتم محقين فألقوا.
الثاني : ألقوا على ما يصح ويجوز لا على ما يفسد ويستحيل.
فصل : قوله (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) الاية : ١١٧.
الوحي هو إلقاء المعنى الى النفس من جهة تخفى ، ولذلك لم يشعر به الا موسى عليهالسلام حتى امتثل ما أمر به.
ومعنى «تلقف» تبتلع تناولا بفيها بسرعة منها.
والافك هو قلب الشيء عن وجهه ، ومنه «المؤتفكات» (٢) المنقلبات. والافك
__________________
(١). سورة طه : ٦٦.
(٢). سورة النجم : ٥٣.