أي : كملنا الثلاثين بعشر حتى كملت ثلاثين ، كما يقال : تممت العشرة بدرهمين وسلمتها اليه.
والفرق بين الميقات والوقت : أن الميقات ما قدر ليعمل فيه عمل من الاعمال والوقت وقت للشيء قدره مقدر أو لم يقدره ، ولذلك قيل : مواقيت الحج ، وهي المواضع التي قدرت للإحرام به.
فصل : قوله (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) الاية : ١٤٣.
الدك : المستوي. وقال الزجاج : دكا يعني مدقوقا مع الأرض ، والدكاء والدكاوات الروابي التي مع الأرض ناشزة عنها لا تبلغ أن يكون جبلا.
واختلف المفسرون في وجه مسألة موسى عليهالسلام ذلك ، مع أن الرؤية بالحاسة لا تجوز عليه تعالى على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه سأل الرؤية لقومه حين قالوا له : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) (١) بدلالة قوله (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) (٢).
فان قيل : على هذا ينبغي أن يجوزوا أن يسأل الله تعالى هل هو جسم أم لا؟ أو يسأله الصعود والنزول وغير ذلك فيما لا يجوز عليه.
قلنا : عنه جوابان : أحدهما : أنه يجوز ذلك إذا علم أن في ورود الجواب من جهة الله مصلحة ، وأنه أقرب الى زوال الشبهة عن القوم بأن ذلك لا يجوز عليه تعالى ، كما جاز ذلك في مسألة الرؤية.
والجواب الثاني : أنه انما يجوز أن يسأل الله ما يمكن أن يعلم صحته بالسمع
__________________
(١). سورة البقرة : ٥٥.
(٢). سورة الاعراف : ١٥٤.