العادة في ذلك الوقت أنه إذا أراد الإنسان أن يعاقب غيره لا على وجه الهوان أخذ بلحيته وجره اليه ، ثم تغيرت العادة الآن.
وقال قوم : انما أخذ برأسه اليه ليسر اليه شيئا أراده.
فصل : قوله (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي) الاية : ١٥١.
كان هذا الدعاء من موسى انقطاعا منه الى الله تعالى وتقربا اليه ، لا أنه كان وقع منه أو من أخيه قبيح صغير أو كبير يحتاج أن يستغفر منه.
ومن قال : انه استغفر من صغيرة كانت منه أو من أخيه ، فقد أخطأ ويقال له الصغيرة على مذهبكم تقع مكفرة محبطة ، فلا معنى لسؤال المغفرة لها.
وقد بينا في غير موضع أن الأنبياء لا يجوز عليهم شيء من القبائح ، لا كبيرها ولا صغيرها ، لان ذلك يؤدي الى التنفير عن قبول قولهم ، والأنبياء منزهون عما ينفر عنهم على كل حال.
فصل : قوله (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا) الاية : ١٥٣.
التوبة : طاعة يستحق بها الثواب بلا خلاف ، ويسقط العقاب عندها بلا خلاف الا أن عندنا يسقط ذلك تفضلا من الله بورود السمع بذلك ، وعند المعتزلة العقل يوجب ذلك.
فان قيل : كيف قال (تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا) والتوبة هي ايمان؟
قلنا : عنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : تابوا من المعصية وآمنوا بتلك التوبة.
الثاني : استأنفوا عمل الايمان.
الثالث : آمنوا بأن الله قابل التوبة.
فصل : قوله (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) الاية : ١٥٥.
معناه : ان هي الا اختبارك وابتلاؤك لخلقك. والمعنى ان هي الا تشديدك