والمعاصي ، فيدخلوا بها النار ، لان الله تعالى لا يريد القبيح ، لان ارادة القبيح قبيحة ، ولان مريد القبيح منقوص عند العقلاء ، تعالى الله عن صفة النقص ، ولأنه قال (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (١).
فصل : قوله (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) الاية : ١٨٢.
يحتمل أن يكون المراد أني سأفعل بهم ما يدرجون في الفسوق والضلال عنده ، ويكون ذلك اخبارا عن نفاقهم الكفر (٢) عند إملائه لهم.
فسمي ذلك استدراجا ، لأنهم عند البقاء كفروا وازدادوا كفرا ومعصية ، وان كان الله لم يرد منهم ذلك ولا بعثهم عليه ، كما قال : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) (٣) وكما يقول القائل : أبطر فلان فلانا بانعامه عليه ، ولقد أبطرته النعمة وأكفرته السلامة ، وان كان المنعم لا يريد ذلك ، بل أراد أن يشكره عليها.
وأصل الاستدراج اغترار المستدرج من حيث يرى أن المستدرج محسن اليه حتى يورطه مكروها. والاستدراج أن يأتيه من مأمنه من حيث لا يعلم.
وأملى بمعنى أؤخر.
ووجه الحكمة في أحدهم من حيث لا يعلمون أنه لو أعلمهم وقت ما يأخذهم وعرفهم ذلك لامنوه قبل ذلك وكانوا مغرين بالقبيح قبله ، تعويلا على التوبة فيما بعد ، وذلك لا يجوز عليه تعالى.
فصل : قوله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) الاية : ١٨٧.
قال الجبائي : وفي الاية دليل على بطلان قول الرافضة من أن الائمة معصومون
__________________
(١). سورة الذاريات : ٥٦.
(٢). في التبيان : اخبار عن بقائهم على الكفر.
(٣). سورة فاطر : ٤٧.