اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) فلو كان الكناية عن آدم وحوا لقال : عما يشركان.
وانما أراد تعالى الله عما يشرك هذان النوعان أو الجنسان ، وجمعه على المعنى.
وقد ينتقل الفصيح من خطاب مخاطب الى خطاب غيره ومن كناية الى غيرها ، قال الله تعالى (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) (١) فانصرف من مخاطبة الرسول الى مخاطبة المرسل ، ثم قال (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) يعني الرسول ، ثم قال «وتسبحوه» يعني الله تعالى ، قال الهذلي :
يا لهف نفسي كان جده خالد |
|
وبياض وجهك للتراب الأعفر |
ولم يقل وبياض وجهه ، وقال كثير :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة |
|
لدنيا ولا مقلية ان تقلت |
وقال الاخر :
فدى لك ناقتي وجميع أهلي |
|
ومالي أنه منه أتانى |
ولم يقل منك أتاني.
فصل : قوله (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) الاية : ١٩٤.
انما قال «ان الذين» وهو يريد الأصنام ، لأنها لما كانت عندهم معبوده تنفع وتضر ، جاز أن يكنى عنها بما يكنى عن الحي ، كما قال في موضع آخر (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ) (٢) ولم يقل فعله كبيرها فاسألوها.
وقال (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (٣) لما أضاف السجود اليهما جمعهما بالواو والنون التي يختص العقلاء.
__________________
(١). سورة الفتح : ٨.
(٢). سورة الأنبياء : ٦٣.
(٣). سورة يوسف : ٤.