قوله (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) يحتمل معنيين :
أحدهما : إذا أسرتهم فنكل بهم تنكيلا يشرد غيرهم من ناقضي العهد خوفا منك ، وهو قول الحسن وقتادة وسعيد بن جبير والسدي.
فصل : قوله (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) الاية : ٥٨.
ان قيل : كيف جاز نبذ العهد ونقضه بالخوف من الخيانة؟
قيل : انما فعل ذلك لظهور أمارات الخيانة التي دلت على نقض العهد ولم تشتهر ، ولو اشتهرت لم يجب النبذ ، كما حارب رسول الله صلىاللهعليهوآله أهل مكة لما نقضوا العهد بقتل خزاعة وهم في ذمة النبي عليهالسلام.
فلما فعلوا ذلك فعلا ظاهرا مشهورا أغنى ذلك عن نبذ العهد اليهم ، ولو نقضوه على خفى لم يكن بد من النبذ اليهم لئلا ينسب الى نقض العهد والغدر.
فصل : قوله (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) الاية : ٦٠.
الاعداد اتخاذ الشيء لغيره. والاستطاعة معنى تنطاع بها الجوارح للفعل مع انتفاء المنع.
وقوله «من قوة» أي : مما تقوون به على عدوكم. وقيل : معناه ومن الرمي.
وقوله (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) فالرباط شد أيسر من العقد ، ربطه يربطه ربطا ورباطا ، وارتبطه ارتباطا ورابطة ومرابطة.
فصل : قوله (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) الاية : ٦١.
السلم بفتح السين واللام على ثلاثة أوجه ، تقول : أخذت الأسير سلما ، أي : على الاستسلام.
والسلم السلف على السلامة. والسلم شجر واحده سلمة تقول له بالسلامة.
وقوله «وان جنحوا للسلم» معناه : ان مالوا الى المسالمة تقول : جنح يجنح جنوحا ، وجنحت السفينة إذا مالت ، ولا جناح عليه في كذا ، أي : لا ميل الى مأثم.