أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) الاية : ١٢.
فان قيل : كيف نفى فقال (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) وقد أثبتها في أول الاية بقوله (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ)؟
قلنا : اليمين التي أثبتها هي ما حلفوا بها وعقدوا عليها ، وما نفى انما أراد به أنهم لا ايمان لهم يفون بها ويتمسكون بموجبها.
فصل : قوله (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا) الاية : ١٦.
المعنى : ظننتم أن تتركوا ، فالظن والحسبان نظائر. والحسبان قوة المعنى في النفس من غير قطع ، وهو مشتق من الحساب ، لدخوله فيما يحتسب به.
ومعنى الترك هو ضد ينافي الفعل المبتدأ في محل القدرة عليه ويستعمل بمعنى «ألا يفعل» كقوله (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) (١).
والوليجة والدخيلة والبطانة نظائر ، وكل شيء دخل في شيء ليس منه فهو وليجة.
وفي الاية دلالة على أنه لا يجوز أن يتخذ من الفساق وليجة ، لان في ذلك تأنيسا (٢) بالفسق يجري مجرى الدعاء اليه ، مع أن الواجب معاداة الفساق والبراءة منهم ، ومع ذلك فهر غير مأمون على الاسرار والاطلاع عليها.
فصل : قوله (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) الاية : ١٧.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو «مسجد» على التوحيد ، الباقون على الجمع.
ويحتمل أن يكون أراد المساجد كلها ، لان لفظ الجنس يدل على القليل والكثير ، ومن قرأ على الجمع يحتمل أن يكون أراد جميع المساجد.
ويحتمل أن يكون أراد المسجد الحرام ، وانما جمع لان كل موضع منه مسجد
__________________
(١). سورة البقرة : ١٧.
(٢). في التبيان : تأليفا.