القتل والسبي ، وانما كان كذلك لما علم الله تعالى من المصلحة من اقرار هؤلاء على كفرهم ، ومنع ذلك في غيرهم لان هؤلاء على كفرهم يقرون بألسنتهم بالتوحيد وببعض الأنبياء ، وان لم يكونوا على الحقيقة عارفين ، وأولئك يجحدون ذلك كله.
فان قيل : إعطاء الجزية منهم لا يخلو أن يكون طاعة أو معصية فان كان معصية فكيف أمر الله بها؟ وان كان طاعة وجب أن يكونوا مطيعين لله.
قلنا : اعطاؤهم الجزية ليس بمعصية ، فأما كونها طاعة لله فليس كذلك ، لأنهم انما يعطونها دفعا لقتل أنفسهم لا طاعة لله.
فان الكافر لا يقع منه طاعة عندنا بحال ، لأنه لو فعل طاعة لله لاستحق الثواب والإحباط باطل ، فكان يجب أن يكون مستحقا للثواب ، وذلك خلاف الإجماع.
فصل : قوله (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) الاية : ٣٠.
فان قيل : كيف أخبر الله عن اليهود بأنهم يقولون : ان عزير ابن الله واليهود تنكر هذا؟
قلنا : انما أخبر الله تعالى بذلك عنهم ، لان منهم من كان يذهب اليه ، والدليل على ذلك أن اليهود في وقت ما أنزل الله القرآن سمعت هذه الاية فلم تنكرها ، وهو كقول الخوارج تقول بتعذيب الأطفال وانما يقول بذلك الازارقة منهم خاصة.
فصل : قوله (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) الاية : ٣١.
الأحبار جمع حبر ، وهو العالم الذي صناعته تحبير المعاني بحسن البيان عنها. وقيل : حبر وحبر بفتح الحاء وكسرها.
وروي عن النبي عليهالسلام أن معنى اتخاذهم إياهم أربابا أنهم قبلوا منهم التحريم والتحليل بخلاف ما أمر الله ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام ، فسمى الله ذلك اتخاذهم إياهم أربابا من حيث كان التحريم والتحليل لا يسوغ الا لله تعالى ، وهو