والاخر ـ أن يكون اكتفى بأحدهما عن الاخر للإيجاز ، ومثله (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) (١) قال الشاعر :
نحن بما عندنا وأنت بما |
|
عندك راض والرأي مختلف (٢) |
فصل : قوله (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) الاية : ٣٧.
قال أبو زيد : انسأته الدين إنساء إذا اخترته ، واسم ذلك النسيئة والنسأ ، وكان النسيء في الشهور تأخير حرمة شهر الى شهر آخر ليست له تلك الحرمة ، فيحرمون بهذا التأخير ما أحل الله ، ويحلون ما حرم الله.
وكان النسيء المنهي عنه في الاية تأخير الأشهر الحرم عما رتبها الله ، وكانوا في الجاهلية يعملون ذلك وكان الحج يقع في غير وقته ، واعتقاد حرمة الشهر في غير أوانه ، فبين تعالى أن ذلك زيادة الكفر.
فصل : قوله (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) الاية : ٤٠.
قيل : في من يعود الهاء اليه قولان :
أحدهما ـ قال الزجاج : انها تعود على النبي عليهالسلام.
والثاني قال الجبائي : يعود على أبي بكر ، لأنه كان الخائف واحتاج الى الامن ، لا من قد وعد بالنصر فهو ساكن القلب.
والاول أصح ، لان جميع الكنايات قبل هذا وبعده راجعة الى النبي عليهالسلام ألا ترى أن قوله «الا تنصروه» الهاء راجعة الى النبي عليهالسلام بلا خلاف.
وقوله «فقد نصره الله» فالهاء أيضا راجعة الى النبي أيضا.
وقوله «إذ أخرجه» يعني : النبي «إذ يقول لصاحبه» يعني : صاحب النبي
__________________
(١). سورة الجمعة : ١١.
(٢). معاني القرآن ١ / ٤٣٤.