الاخر أبطله (١) ، فلا يجتمعان ، فكيف يكون خلطا؟
وقوله (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) قال الحسن وكثير من المفسرين : ان «عسى» من الله واجبة.
وقال قوم : انما قال «عيسى» حتى يكونوا على طمع واشفاق ، فيكون ذلك أبعد في الاتكال على العفو وإهمال التوبة. والتقدير في قوله (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) أي : بآخر سيئ.
ومثله قولهم : خلطت الماء واللبن. وقد يستعمل ذلك في الجمع من غير امتزاج ، كقولهم : خلطت الدراهم والدنانير. وقال أهل اللغة : خلط في الخير مخففا ، وخلط في الشر مشددا.
فصل : قوله (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) الاية : ١٠٤.
معناه : انه يأخذها بتضمن الجزاء عليها ، كما تؤخذ الهدية كذلك.
وقال أبو علي الجبائي : جعل الله أخذ النبي والمؤمنين للصدقة أخذا من الله على وجه التشبيه والمجاز من حيث كان بأمره.
وقد روي عن النبي عليهالسلام أن الصدقة قد تقع في يد الله قبل أن تصل الى يد السائل والمراد بذلك أنها تنزل هذا التنزيل ترغيبا للعباد في فعلها ، وذلك يرجع الى تضمن الجزاء عليها.
فصل : قوله (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) الاية : ١٠٥.
روي في الخبر أن أعمال العباد تعرض على النبي عليهالسلام في كل اثنين وخميس فيعلمها ، وكذلك تعرض على الائمة عليهمالسلام فيعرفونها ، وهم المعنيون بقوله
__________________
(١). في التبيان : أحبطه.