فيه دليل على أنه لا يكلمهم بما يسوءهم ، لأنه قد دل في موضع آخر فقال : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) (١).
الثاني : لا يكلمهم أصلا ، فتحمل آيات المسائلة على أن الملائكة تسائلهم بأمر الله.
والاشتراء هو الاستبدال بالثمن العوض ، فلما كانوا هؤلاء استبدلوا بذنبهم الثمن القليل ، قيل فيهم : انهم اشتروا به ثمنا قليلا. أو الثمن هو العوض من العين والورق.
فصل : قوله (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) الاية : ١٧٥.
التعجب (٢) لا يجوز على القديم تعالى ، لأنه عالم بجميع الأشياء لا يخفى عليه شيء ، والتعجب يكون مما لا يعرف سببه ، وانما الغرض بالاية أن يدلنا على أن الكفار حلوا محل من يتعجب منه ، فهو تعجيب لنا منهم.
فصل : قوله (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ) الاية : ١٧٧.
قيل : فيه قولان :
أحدهما : ذكره ابن عباس ومجاهد أنه ليس البر كله في التوجه الى الصلاة بل حتى يضاف الى ذلك غيره من الطاعات التي أمر الله بها.
والثاني : قاله قتادة والربيع ، واختاره الجبائي : انه ليس البر ما عليه النصارى من التوجه الى المشرق ، أو ما عليه اليهود من التوجه الى المغرب ، ولكن البر ما ذكره الله وبينه.
ومعنى «ولكن البر من آمن» قيل : فيه ثلاثة أقوال : أولها ولكن البر بر من
__________________
(١). سورة الاعراف : ٥.
(٢). في التبيان : والعجب.