(وَالْمُؤْمِنُونَ).
وانما قال (فَسَيَرَى اللهُ) على وجه الاستقبال ، وهو عالم بالأشياء قبل وجودها لان المراد بذلك أنه سيعلمها موجودة بعد أن علمها معدومة ، وكونه عالما بأنها ستوجد هو كونه عالما بوجودها إذا وجدت لا يجدد حال له بذلك.
فصل : قوله (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) الاية : ١٠٦.
لفظة (إِمَّا) لوقوع أحد الشيئين ، والله عالم بما يصير اليه أمرهم ، الا أن هذا للعباد خوطبوا بما يعملون. والمعنى ولكن (١) أمرهم عندكم على هذا ، أي : على الخوف والرجاء.
والاية تدل على صحة قولنا في جواز العفو عن العصاة ، لأنه تعالى بين أن قوما من هؤلاء العصاة أمرهم مرجا الى الله ان شاء عذبهم وان شاء قبل توبتهم ، فعفى عنهم.
فلو كان سقوط العقاب عند التوبة واجبا لما جاز تعليق ذلك بالمشيئة على وجه التخيير ، لأنهم ان تابوا وجب قبول توبتهم عند الخصم وإسقاط العقاب عنهم.
وان أصروا ولم يتوبوا فلا يعفى عنهم ، فلا معنى للتخيير على قولهم.
وانما يصح ذلك على ما نقوله من أن مع حصول التوبة تحسن المؤاخذة ، فان عفى فبفضله ، وان عاقب فبعدله.
فصل : قوله (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) الاية : ١٠٨.
قال ابن عباس والحسن وعطية : انه مسجد قبا. وقال ابن عمر وابن المسيب :
__________________
(١). في التبيان : وليكن.