فصل : قوله (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) الاية : ٣١.
والرزق العطاء الجاري ، يقال : رزق السلطان الجند ، الا أن كل رزق فالله رازق له ، لأنه لو لم يطلقه على يد الإنسان لم يجئ منه شيء.
والواحد منا يرزق غيره ، الا أنه لا يطلق اسم رازق الا على الله ، كما لا يقال رب بالإطلاق الا في الله وفي غيره بقيد ، فيقال : رب الدار ويطلق فيه ، لأنه يملك الجميع غير مملك ، وكذلك هو تعالى رازق الجميع غير مرزوق.
ولا يجوز أن يخلق الله حيوانا يريد تبقيته الا ويرزقه ، لأنه إذا أراد بقاءه فلا بد له من الغذاء ، فان لم يرد تبقيته كالذي يولد ميتا ، فانه لا رزق له في الدنيا.
فصل : قوله (كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا) الاية : ٣٣.
قال أبو علي : من قرأ على التوحيد احتمل ذلك وجهين :
أحدهما : أن يكون جعل ما أوعد به الفاسقين كلمة وان كانت في الحقيقة كلمات لأنهم قد يسمون القصيدة والخطبة كلمة ، فكذلك ما ذكرناه.
والثاني : أن يريد بذلك الجنس وقد وقع على بعض الجنس ، كما أوقع اسم الجنس على بعضه في قوله (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) (١) ومن جمع فانه جعل الكلم التي توعد بها كل واحدة منها كلمة ثم جمع فقال كلمات.
فصل : قوله (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) الاية : ٣٦.
الظن حقيقته ما قوى كون المظنون عند الظان على ما ظنه مع تجويز أن يكون على غيره ، فإذا كان معه تجويز كون المظنون على خلاف ما ظنه ، فلا يكون مثل العلم.
وقد يكون للظن حكم إذا قام على ذلك دليل اما عقلي أو سمعي ، ويكون صادرا عن أمارات معروفة بالعادة أو الخبر ، أو رده الى نظيره عند من قال بالقياس
__________________
(١). سورة الصافات : ١٣٧.