وقيل : معناه حقا أنهم ، وأصل الجرم القطع ، فكأنه قال : لا قطع عن أنهم في الاخرة هم الأخسرون.
وقوله «لا جرم فعل وتقديره : لا قطع قاطع عن ذا الا أنه كثر حتى صار كالمثل.
فصل : قوله (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ) الاية : ٢٧.
قال أبو علي الفارسي : حدثنا محمد بن السري أن اللحياني قال يقال : أنت بادي الرأي تريد ظلمنا ، لا يهمز بادي ، وبادىء الرأي مهموز ، فمن لم يهمز أراد أنت فيما بدا في الرأي ، أى : أنت ظاهر الرأي. ومن همز أراد أنت أول الرأي ومبتدؤه ، وهما في القرآن.
وقال أبو علي : من قال بادي الرأي بلا همز جعله من بدو الشيء إذا ظهر وما اتبعك الا الأرذال فيما ظهر لهم من الرأي ، أي : لم يفعلوه بنظر فيه ولا تبين لهم. ومن همز أراد اتبعوك في أول الامر من غير فكر فيه وروية.
فصل : قوله (وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) الاية : ٢٩.
معناه : لست أطرد المؤمنين من عندي ولا أبعدهم على وجه الاهانة.
وقيل : انهم كانوا سألوه طردهم ليؤمنوا له أنفة من أن يكونوا معهم على سواء ذكره ابن جريح والزجاج.
وقوله (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) معناه : أراكم تجهلون أنهم خير منكم لايمانهم بربهم وكفركم به. وقال قوم : انهم قالوا له : ان هؤلاء اتبعوك طمعا في المال على الظاهر دون الباطن ، فقال لهم نوح : انهم ملاقوا جزاء أعمالهم فيجازيهم على ما يعلم من بواطنهم وليس لي الا الظاهر ، فأحملهم على ظاهر الايمان