واستدل أصحابنا بهذه الاية على أن المعني بها أمير المؤمنين عليهالسلام ، لأنه لا خلاف بين الامة أن جميع هذه الخصال كانت جامعة فيه ، ولم تجتمع في غيره قطعا ، فهو مراد بالاية بالإجماع ، وغيره مشكوك فيه غير مقطوع عليه.
فصل : قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) الاية : ١٧٨.
القصاص : التقاص من الجراحات والحقوق. والحر نقيض العبد ، والحرة أرض ذات حجارة سود فكأنها أحرقت بالنار ، والحرورية منسوب الى حرورا قرية كان أول مجتمعهم بها. والمحرر المختص بخدمة الكنيسة ما عاش ، ومنه قوله «في بطني محررا» (١).
وقوله (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) معناه : ترك من عفت المنازل ، أي : تركت حتى درست.
وقال جعفر بن مبشر عن بعضهم : ان هذه الاية منسوخة بقوله «النفس بالنفس» (٢) قال : وليست عندي كذلك ، لان الله تعالى انما أخبرنا أنه كتبها على اليهود قبلنا ، وليس في ذلك ما يوجب أنه فرض علينا الآن ، لان شريعتهم منسوخة بشريعتنا.
والذي أقوله أن هذه الاية ليست منسوخة ، لان ما تضمنته معمول عليه ، ولا ينافي قوله «النفس بالنفس» لان تلك عامة وهذه خاصة ، ويمكن بناء تلك على هذه ولا يتناقض ، ولا يحتاج الى أن ينسخ إحداهما الاخرى.
ويجوز قتل العبد بالحر والأنثى بالذكر اجماعا ، ولقوله (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً
__________________
(١). سورة آل عمران : ٣٥.
(٢). سورة المائدة : ٤٨.