ومن ادعى نسخ الاية فهو مدع لذلك ولا نسلم له نسخها ، وبمثل ما قلناه قال محمد بن جرير الطبري سواء ، فان ادعوا الإجماع على نسخها ، كان ذلك دعوى باطلة ، ونحن نخالف في ذلك.
وقد خالف في نسخ الاية طاوس ، فانه خصها بالكافرين لمكان الخبر ولم يحملها على النسخ. وقد قال أبو مسلم محمد بن بحر : ان هذه الاية مجملة وآية المواريث مفصلة وليست نسخا ، فمع هذا الخلاف كيف يدعى الإجماع على نسخها.
ومن ادعى نسخها لقوله عليهالسلام «لا وصية لوارث» فقد أبعد ، لان هذا أولا خبر واحد لا يجوز نسخ القرآن به اجماعا ، وعندنا لا يجوز العمل به في تخصيص عموم القرآن.
وادعاؤهم أن الامة أجمعت على الخبر ، دعوى عارية من برهان ، ولو سلمنا الخبر جاز أن نحمله على أنه لا وصية لوارث فيما زاد على الثلث ، لأنا لو خلينا وظاهر الاية لا جزنا الوصية بجميع ما يملك للوالدين والأقربين ، لكن خص ما زاد على الثلث لمكان الإجماع.
فأما من قال : ان الاية منسوخة بآية الميراث ، فقوله بعيد من الصواب ، لان الشيء انما ينسخ غيره إذا لم يمكن الجمع بينهما ، فأما إذا لم يكن بينهما تناف ولا تضاد بل أمكن الجمع بينهما ، فلا يجب حمل الاية على النسخ.
ولا تنافي بين ذكر ما فرض الله للوالدين وغيرهم من الميراث وبين الامر بالوصية لهم على جهة الخصوص ، فلم يجب حمل الاية على النسخ.
وقول من قال حصول الإجماع على أن الوصية ليست فرضا يدل على أنها منسوخة باطل ، لان إجماعهم على أنها لا تفيد الفرض لا يمنع من كونها مندوبا اليها ومرغبا فيها ، ولأجل ذلك كانت الوصية للاقربين الذين ليسوا بوارث ثابتة بالاية ،